بقــيـة مـكـفــــــــــرات الـذنـــــــــــوب ؛؛؛

نستكمل على بركة الله سلسلة مكفرات الذنوب لشيخ الإسلام
بن تيمية رحمه الله تعالى ؛
السبب الرابع: الدافع للعقاب دعاءالمؤمنين للمؤمن مثل صلاتهم على جنازته، فعن عائشة وأنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم،أنه قال :"ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شفعوا فيه".وعن إبن عباس-رضى الله عنهما قالسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه" . رواهما مسلم. وهذا دعاء له بعد الموت فلا يجوز أن تحمل المغفرة على المؤمن التقى الذى أجتنب الكبائر وكفرت عنه الصغائر وحده فإن ذلك مغفور له عند المتنازعين فعلم أن هذا الدعاء من أسباب المغفرة للميت.

السبب الخامس: ما يعمل للميت من أعمال البر كالصدقة ونحوها فإن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة وإتفاق الأئمة ، وكذلك العتق و الحج بل قد ثبت فى الصحيحين :
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من مات وعليه صيام صام عنه وليه" .
وثبت مثل ذلك فى الصحيح من صوم النذر من وجوه أخرى،ولا يجوز أن يعارض هذا بقوله وإن ليس للإنسان إلا ماسعى لوجهين :
1/ أنه قد ثبت بالنصوص المتواترة وإجماع سلف الأمة أن المؤمن ينتفع بما ليس من سعيه كدعاء الملائكة وإستغفارها له كما فى قوله تعالى :{الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ءامنوا ربّنا...}الآية*غافر7.
ودعاء النبيين والمؤمنين واستغفارهم كما فى قوله تعالى :
{وصل عليهم إن صلاتك سكنٌ لهم} *التوبة 103. وقوله تعالى :
{و من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر و يتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول} * التوبة 99 . وقوله تعالى:
{وأستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} * محمد 19 .
وكدعاء المصلين للميت ولمن زار قبره من المؤمنين .
2/ أن الآية ليست فى ظاهرها إلا أنه ليس له إلا سعيه وهذا حق فإنه لا يملك ولا يستحق إلا سعى نفسه وأما سعى غيره فلا يملكه ولا يستحقه لكن هذا لا يمنع أن ينفعه الله به ويرحمه به كما أنه
دائماً يرحم عباده بأسباب خارجة عن مقدورهم وهو-سبحانه-
بحكمته ورحمته يرحم العباد بأسباب يفعلها العباد ليثبّت
أولئك على تلك الأسباب فيرحم الجميع كما فى الحديث الصحيح عنه
صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما من رجل يدعو لأخيه بدعوة إلا وكل الله به ملكا كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به : آمـين
ولك بمثل" . وكما ثبت عنه فى الصحيح أنه قال :" من صلى على جنازة فله قيراط ، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان ، أصغرهما
مثل أحد" . فهو قد يرحم المصلى على الميت بدعائه له ويرحم
الميت أيضا بدعاء هذا الحى له .